Sunday, December 25, 2005

رسالة بيضاء فى زمن أسود

فى هذه الأيام السعيدة و التى تحتفل بها البشرية جمعاء بعيد ميلاد يسوع عليه الصلاة و السلام أحببت أن أستبدل الريشة بالقلم كى أنقل لكم ما يجول بخاطرى من أفكار متراكمة و مشاعر مختلطة لا سبيل للتعبير عنها إلا بالحروف



أولا حالة الديرة الديموقراطية

نحن نعيش فى آخر أيام ((الديموقراطية الكويتية الحقيقية)) و التى تعودنا عليها من أيام المغفور له الشيخ عبدالله السالم فكل ما نراه من الحكومة و أغلب أعضاء مجلس الأمة هى جهود مكثفة لتجريد ديموقراطيتنا من محتواها و من خلال إصدارقوانين - خادعة - معادية للحريات و عن طريق شراء ذمم معظم أعضاء مجلس الأمة إما بالمال أو بقطعة أكبر من كعكة الكويت . بالتدريج المدروس مجلس الأمة قاعد يتحول لمجلس للشورى أو حتى مجلس لصبابى القهوة - مع إحترامى و تقديرى لأصحاب هذه المهنة التراثية. و لا أعلم كيف يرضى بعض رموز العمل الديموقراطى بالمشاركة بهذه الجريمة و هم يعلمون أن التاريخ لا يرحم و من يشاهد و يسكت عن الجريمة يعامل نفس معاملة المجرم و إن رفع صوته و صارخ بشكل متقطع.

البعض حتما سيعارض هذا الكلام و سيرفع راية حقوق المرأة السياسية كأحد ((المكتسبات)) الديموقراطية الجديدة التى تستحق التصفيق و التعظيم
و لكن مجلس الشورى يظل مجلسا للشورى و لو كان أعضاءه نصفهم من السيدات أو أى مخلوقات جميلة من كوكب آخر




ثانيا حالة الشعب

حقا المال الزائد نقمة . مع طفرة إرتفاع أسعار النفط و إنتعاش كازينو البورصة تحسنت الأوضاع المالية لقطاعات كبيرة من الشعب فمن كان يملك منزلا فى ضاحية عبداالله السالم أصبح يملك منزلين و اللذى يملك منزلين أصبح يملك قصرا على البحر و اللى كان يملك قصرا أصبح يملك ربع إقتصاد البلد . و قد يعتقد الشخص الصاحى بأن مع تضاعف ثروات الأغنياء سيشعرون بالإقتناع - أخيرا - و سيكفون عن الغيرة و الحسد من بعضهم البعض و لكن الحاصل هو العكس تماما . فكلما إرتفع مؤشر البورصة زادت إعلانات الشتم والتهديد و التشهير بالجرائد و لا أعلم هل من واجبنا أن نشارك فى مجلس عزاء ملياردير فقد بضعة من أعز ملايينه ؟ أو علينا أن نحمل السلاح و نقاتل بصف من يملك حصة أكبر من أسهم شركة الكويت ؟

و طبعا مع تنامى ثروات الطبقة المخملية تم تناسى من هم فقراء بالتأسيس و تم دفنهم تحت أكوام من الصفحات الإقتصادية أو تم إستبدالهم بطبقة ((مديونين البورصة )) و هى طبقة جديدة من قليلى الحظ بالكازينو . فلا كرسى للفقير و المحتاج فى حفلة تقطيع الكعكة الكويتية و لن تتم دعوته أصلا. و بالطبع لم و لن يكتتب أحد فى مأساة البدون - إلا ما ندر - و إن كان الربح بالدنيا و بالآخرة مضمونا.

هذه الحالة من الهيجان الإقتصادى هى لعنة أصابت البلد بمقتل و جعلت الأخ ينهش أخاه و الإبن يهاجم عائلته بوحشية فى مشهد لا نراه حتى فى فيلم تثقيفى عن حياة و أطباع الضباع و لا أظن أن حتى كارثة بحجم التسونامى أسوأ من الكارثة التى نعيشها الآن و الله يحمينا جميعا من طفرة زيادة أسعار النفط القادمة أو من حرب تحرير سوريا.




ثالثا حالة المدونين الكويتيين


ما عدا ومضات من الأمل هنا و هناك المدونات الكويتية تعكس واقعا أليما يعيشه الشباب و الشابات بمجتمعنا. حالة من الضياع و الإنغماس بالتوافه من الأمور و اللهث المميت وراء الماديات هى ما يشغل بال السواد الأعظم من الأخوة و الأخوات. مما يحز بالنفس هو أن معظمهم من الفئة المتعلمة و المثقفة و القادرة على أخذ مركز مهم فى المجتمع متى أرادو ذلك و لكن هم إختارو الحياة بمعزل عن ما يحدث حولهم. خلقوا عالما خاصا بهم و فى هذا العالم يفعلون ما يشاؤون و بعيدا عن ضغوط الأهل و المجتمع. نعم الإنسان يملك الحق فى أن يفعل ما يشاء بحياته فيصنع منها شيئأ مميزا أو يدمرها لو أراد و لكن لا يملك حق الشكوى و البكاء و الإحتجاج لو هو - بإختياره - قرر وضع سدادات بإذنه و غطاءا على عينيه و لم يسمع أو يعرف عن الحريق الذى دمر بيته و قتل أهله. لا تفتعل الشكوى و البكاء و ترفع سيف الإحتجاج و أنت مستلقى على سرير أمام حوضا للسباحة و تسمع الموسيقى و تتجرع نبيذا مستوردا و أنت من شاركت بحفلة تقطيع كعكة الكويت و صفقت لمن كان يمسك بالسكين و لم تحتج حينها إلا بإبتسامة خجولة أو قبلة على أنف أو صمت و نظرات . لا تلبسي قبعة الثوار بعد أن أمضيتى الليلة الماضية فى حفل صاخب الهدف منه الإنسلاخ من الجلد الكويتى و نسيان الزمان و المكان الذى عاشو أهلك فيه منذ قرون وثم تتجرأين و تسخرين من سوء الأوضاع و عدم إكتراث الناس بما تقولين من حكم و مواعظ. أسوأ أنواع الكذب هو الكذب على النفس فمن يفعل ذلك فأنه يخدع نفسه فقط و بنفس الوقت يتعرى أمام الناس و يكشف عيوبه و مدى ضعفه و جهله أو حتى غبائه. نعم الغباء لا علاقة له بالمستوى التعليمى أو الوضع المادى أو الإجتماعى فقمة الغباء أن يكون الشخص واعى و فاهم و يتظاهر بالغباء و يتعامى عن الأخطاء كطريق سهل للحصول على راحة البال و الإبتعاد عن المتاعب. و هذا ما أراه من معظم المدونين و المدونات الكل يريد أن يعيش بجزيرة الأحلام الخاصة به و هم يعلمون بأن الجزر معرضة للغرق بأى لحظة.

إترك عنك الماديات و لا تفكر ببيزات . الحياة زلقة تاير سيارة و تنتهى و الإنسانية ما تنقاس بعدد الحفلات اللى معزوم عليها و لا بعدد أطقم الألماس إلى بالتجورى. هذى حياتك و هذى ديرتك و ما راح تقتنع و بالك يرتاح إلا إذا صلحت الأثنين- الأثنين مع بعض ولا حياتك راح إتظل لا معنى لها و قد تموت غدا و لا أحد راح يتذكرك بعد إنتهاء ثالث أيام العزاء.




أخوكم المتفائل دائما

مــاد م الكويت