Monday, September 27, 2004

مـا رأيكم هل يجب زيادة مخصصات الحاكم فى وقت كثر الحديث فيه عن الضرائب



الكويت البخيلة على رموزها

رموز الحكم في العالم رموز وطن وشعب, ورموز عزة ورفعة, وصورتهم هي التدليل على المكانة, ولذلك نجد كل الدول تحاول المحافظة على رموزها, وتوفر لها كل احتياجاتها, وينفقون عليها بسخاء.

نحن, مع الاسف, مقصرون في حق رموزنا, ولانؤدي لهم ماتؤديه الاوطان الأخرى لرموزها, ولانرصد لهم المخصصات اللائقة بتظهير صورتهم, وهي في النهاية صورة للحكم عندنا, وصورة لنا في وجه العالم وتحت أنظاره. وبكل واجب الصراحة المطلوبة فان المخصصات المرصودة حاليا عندنا للحكم متدنية وغير كافية. هذا حكم يتولى مسؤولية ادارة بلد دخلها السنوي 25 بليون دولار اميركي, ويوفر لها الاستقرار السياسي, والأمان الاجتماعي, ويتشارك مع اهلها في الصلاحيات الموزعة, لايجوز ان تكون مخصصاته على هذا القدر من التدني.

الاستقرار والأمان, والمشروعية, والعدل, وتقاسم الثروة, والرعاية, والتأمينات الاجتماعية هي مهمات يتولاها ويجب أن تدفع أكلافها بسخاء, على الاقل حتى يتفرغ أبناء الحكم للحكم, ولايضطرون لموازنة مدخولهم الى مزاحمة العامة في أعمالهم, وفي تجارتهم, وفي وظائفهم, وفي مراكزهم, وفي شركاتهم. وهذا جانب مهم يجب أن يكتمل الوعي عليه وهو أن الحكم يتطلب الكفاية, وأداء الأكلاف, وإلا اضطر أهله الى جنوح المزاحمة والمنافسة, وبالتالي الالتهاء عن الوظيفة الاساس, وهي التفرغ الكامل لمهمات الحكم.

مخصصات الحكم عندنا ثمانية ملايين دينار سنويا, ومبلغ على هذا القدر من التواضع بالكاد يكفي للانفاق على الحرس الاميري, وعلى أبناء الاسرة, وهو إنفاق بالمناسبة متواضع ووفق مقتضى الحال.. مبلغ بهذا القدر للحكم يعتبر تافها في دولة غنية مرتفعة الدخل.

قياسا مع مخصصات الحكم في دول أخرى, فإن المخصصات عندنا تشكل جزئية بسيطة جدا, في الوقت الذي يمثل فيه الحكم عندنا رمزا للنظام, ومكانا للشرعية, ومركزا للأمن والاستقرار والالتقاء.. وكلنا يذكر أن شرعيتنا هي التي كانت في وجه الدنيا كلها أيام الغزو الصدامي للبلاد, ولولاها, ولولا علاقاتها الاقليمية والعربية والدولية, لما التفت إلينا أحد, ولما تحررت بلادنا. المفروض الآن أن يكون الوطن سخيا مع رموزه, وجزيل العطاء لهم, فهم الشرعية التي أعطتنا الكيان ومعنى الوجود وديمومته. وفي الوقت نفسه على شرعيتنا أن لاتتأفف, أو تتعفف, فتأخذ ماهي بحاجة اليه, خصوصا وأن ما تأخذه هو من وطنها, وليس من مصادر أخرى بعيدة.. تأخذه بشكل مكشوف وبعلانية مفرطة.

إن من المفترض الآن أن يتولى مجلس الامة هذا الامر, ويبحث في رفع مخصصات الحكم حتى نتمكن من توفير مناخ الاكتفاء المطلوب لتوفير أجيال حكم متعوب عليها, مؤهلة, ومدربة ومتفرغة لمسؤولياتها, وليست بحاجة الى مزاحمة العامة, والتنافس معهم على نيل الارزاق وكسب المعاش. الكويت الغنية مطلوب منها الاعتناء برموزها وكفايتهم, فهم صورتها ووجهها أمام كل العالم, ومن مصلحتها دفع مايمكنهم من التفرغ لذات الحكم, ولإتقانه, ولإعداد الأجيال الكفؤة لممارسته وتوليه.

أحمد الجارالله

منقول من جريدة السياسة
-----------------------------------------------------------------------------------------------

طلب صغير لأبى حفص ...شوى شوى