تم حظر بيع المشروبات الكحولية بالكويت - بشكل رسمى - من 25 سنة تقريبا. قرار الحظر لم يمنع متعاطى المشروبات من الحصول على حاجتهم من الخمور بجميع أنواعها و إن إزداد سعرها بشكل جنونى و أصبحت سلعة ثمينة و من الكماليات التى يتمتع بها فقط من يملك الميزانية الكافية.
مخطئ تماما من يعتقد أن منع الخمور قلل من تعاطيها أو حتى الإدمان عليها و لا أبالغ إذا قلت أن الحظر ضاعف من بيع و تعاطى ماهو أخطر من المشروب الكحولى ..بكثير. و يكفى أن نعلم أن تعاطى المخدرات بالكويت تضاعف مئات المرات بين جميع الفئات العمرية و من الجنسين لسهولة تهريبها و رخص سعرها مقارنة بالخمور.
طبعا هناك مستفيدون من الدرجة الأولى من تجار مشروب يهمهم كثيرا أن يظل الحظر مفروضا حتى يحافظ بطل الويسكى من نوع جونى ووكر -على سبيل المثال- على سعره بالديرة و بالتالى على مدخولاتهم الخيالية من تهريبه. و أيضا هناك موظفين السفارات الأجنبية الذين وجدوا من (عطش) الكويتيين الدائم للكحوليات مصدر رزق إضافى لهم و خاصة أن السفارات دائما تستورد فوق حاجتها و هى بحاجة لتطوير و تقوية علاقاتها بالمجتمع. الفرد الكويتى يفضل كرتون ويسكى (ديبلوماسى) كهدية على كرتون كتب مثلا!
نعم الخمر متوفر هنا و يتم تعاطيه بشكل منتظم من قبل شريحة كبيرة من المواطنين و من الجنسين و هؤلاء ينتظرون بصبر أيوب اليوم الذى سيرفع فيه الحظر و يتم (تنزيل) الكراتين فى مركز سلطان و ترجع أيام الكوكتيلات فى (لوبى) الفنادق كالشيراتون و الهيلتون. و منهم من لا يستطيع الإنتظار و يريد أن يسبق الأحداث و يحقق أحلامه الوردية عن طريق كسر القانون و بطريقة (ذربة) حيث يحمل (بطله) فى كيس فاخر من أكياس المحلات المعروفة بعد تغليفه بعناية و حنان كبيرين و يتوجه به لمطعمه المفضل و لا يهم نوع المطعم أو مستواه و إن كانت المطاعم ذات البارات الوهمية أنسب و تليق أكثر . عند المطعم يقوم المتر أو الجرسون بإستلام البضاعة الغالية مع إبتسامة و ربما غمزة و من ثم يتوجه بها للمطبخ حيث يتم تفريغ محتويات القنينة بإناء من طقم المطعم - للتمويه و للمحافظة على النظام حيث أن شكل القنينة على الطاولة يصعب تقبله من قبل البعض أو قد يتعرض صاحب الخمر و شاربه للحسد أو (يفتنون) عليه. يقوم الجرسون بعدها بتحضير الكؤوس بطريقة إحترافية حيث أن غالبية العمالة بمطاعم الكويت ذوو خبرة لا بأس بها بهذا النوع من الضيافة.
حمّالة الأكياس كثيرون و هم يزدادون يوما بعد يوم كالفطر . و لا أعلم ما هى الحكمة من حظر الخمور بالكويت غير ما ذكرت من إستفادة تجار من النوع الثقيل من هذا الحظر . لا أشجع بحديثى هذا على شرب الخمر و العياذ بالله و لكن أتساءل فقط عن جدوى المنع و مدى تأثيره - ماديا و إجتماعيا - على الأفراد. فالبعض يستغل عطل نهاية الإسبوع بالسفر لدول قريبة يسمح فيها بيع الخمور و هناك يسابق الزمن و صحته بالإسراف الشديد بالشرب و تشجيع غيره على هذه العادة السيئة.
أرفض فكرة رفع الحظر لأسباب (سياحية) فالسواح الذين سيجذبهم توفر الخمور هم أسوء نوع من السواح و لنا عبرة بما يحدث بدول شقيقة. و بنفس الوقت أقدر أهمية توفره فى بعض الحالات و خاصة عند الحديث عن خلق مناخ جذاب بالفنادق لرجال الإعمال الأجانب - على سبيل المثال.